د.اسمهان ماجد الطاهر
إن تنمية وتطوير التعليم وتحسين فرص الشباب وحفزهم نحو الخلق والابداع هو هدف اساسي تسعى اليه كل المؤسسات التعليمية الرائدة لرفع كفاءة وقدرات مخرجات التعليم سواء المدرسي أو التعليم العالي. ولهذا الهدف تم تكريس الجهود من اجل ضبط امتحان التوجيهي ، كما تم وضع امتحانات كفاءة لقياس مخرجات التعليم العالي.
ولكن للإسف النتائج ما زالت صادمة وتعلن بوضوح عن وجود نسبة من الضعف في مستوى عدد كبيرمن مخرجات التعليم في مختلف القطاعات.
والسؤال الى متى سيبقى تركيزنا على جزئية الامتحانات وقياس المخرجات دون تغيير حقيقي واصلاح جذري في إساليب التعليم!
متى سيتم ايقاف القرارات المتضاربة! ففي مرحلة ما تم اضعاف كليات المجتمع ، والان تمت مناقشة اقتراح السماح للطلاب الراسبين بالتوجيهي بالدراسة في الكليات المهنية علماً بأن الاتجاه نحو المهني يجب أن يقابلة توفر مصانع كبيرة لتستقبل الخريجين المهنيين. وفي الجهة الاخرى تم ترخيص عدد من الجامعات الخاصة وكانت تشكل فرصة جيدة للاستثمار في السياحة التعلمية كما اسهمت في تقليل العبء على الجامعات الرسمية واتاحت فرصة التعليم لعدد كبير من الطلاب والان وفي ظل المتغيرات والقرارات والتعليمات الجديدة سيتم حتماً اضعافها. قرارات عدة وسرعة في التغيير والتبديل.
في الحقيقية إذا اردنا أن نطور وننمي التعليم علينا أن نبدأ من مرحلة التأسيس ثم ننتهي بالامتحانات لا العكس.
فلا تقدم في مخرجات المؤسسات التعليمية دون اصلاح حقيقي يعتمد اساليب تعليمية حديثة قائمة على التعليم المحفز للاستقلال الذاتي للطلاب وتمكين حرية الحكم والتفكير الذاتي وذلك لا يمكن تنميته بالامتحانات فقط. إن تطوير وتحفيز التفكر والحكم الذاتي يحتاج الى أن نبدأ من التأسيس الاولي بتعليم الطلاب بطرق حديثة وتكليفهم بإنجاز المهام واشراكهم في حل المشاكل المختلفة والقضايا المحيطة المرتبطة بالمواد التي يتم تدريسها لهؤلاء الطلاب، علينا تدريبهم على مهارات اقتراح الحلول المختلفة وتحفيزهم على التفكير والحكم الذاتي على القضايا.
لابد أن يتوقف التعليم باسلوب التلقين، علينا التحول نحو اعطاء الطلاب الفرصة لابداء ارائهم من خلال دمجهم في مجموعات عمل صغيرة وتكليفهم بمهام تستوجب البحث عن المعلومات بأنفسهم فتشجيع الطالب على البحث عن المعلومة وايجادها بنفسه يساعد على بقاء هذه المعلومة وتحولها الى معرفة يتم الاستفادة منها مستقبلاً.
أما العاملون بقطاع التعليم فيجب أن يمتلكوا مهارات وكفايات التنويع في اساليب التعليم، عليهم طرح الاسئلة التي تحرض التفكير كما عليهم حث المتعلمين على التعبير والكلام عن ما يجري حولهم من أحداث.
وبشكل عام معظم الدراسات المهتمة بتطوير التعليم تعتبر أن نسب الرسوب المبالغ بها مؤشر قوي على وجود أخطاء في العملية التعليمية، وبالتالي يجب البحث عنها ووضع استراتيجيات جديدة للتطوير فنسب الرسوب الكبيرة لا يمكن أن تكون في حكم ضبط هيبة التعليم بل للأسف مؤشر للخيبة يدعو بقوة الى ضرورة السعي للتغيير والتطوير.
منذ سنوات عديدة ونحن نتحدث عن تطوير وتنمية التعليم دون أن يجري أي تغيير حقيقي لا في اساليب التعليم ولا في تطوير حقيقي للقائمين على العملية التعليمية، فما زلنا تقليديين نقيس قدرات الطلاب بامتحانات تعتمد على الحفظ والتذكر الاصم، حتى أن فكرة المنافسة بين الطلاب في الانظمة التعليمية ما زال في الحدود الدنيا فمثلاً عندما يطلب مدرس من طلابه كتابة نصف صفحة حول قضية ما ويتم مناقشتها بينهم بطريقة سلسلة ودون احكام مطلقة قطعية سيتمكن من تشجيع الطلاب على التفكير وصياغة الافكار ويحفز عملية الارتباط بالقضايا المختلفة المحيطة. للإسف حتى تطوير المناهج محصور على تغيير الصور والغلاف دون تغيير جذري في المحتوى. إن تطوير التعليم الحقيقي يجب أن يكون كلاً متكاملاً يبدأ من تطوير اساليب التعليم ومحتوى المناهج وتطوير العاملين في قطاع التعليم وتمكينهم من توجية الطلاب بما يسمعونه منهم وليس فقط باقوال تقليديه ومواعظ يومية. المقصود هنا عليك ايها المعلم أن تسمع الطلاب وأن تعرف ما بداخلهم وحتى اذا اكتشفت أن أهم اهدافهم لعب الكرة والالعاب الالكترونية اجعلهم يكتبوا عن ذلك وحفزهم لوضع اهداف جديدة اخرى بجانب ذلك بلغة مقنعة وبمرونة تسمح بالنمو العقلي السليم، حاول ايها المعلم ربط المادة التي تدرسها بالواقع المعاش وارشد طلابك الى كيفية استخدام ما يتعلمونه بالغرفة الصفية حتى لو كنت تعطي مسألة رياضية اشرح اساليب استخدامها في الواقع الذي نعيش لنربط التعليم بالحياة ليحقق الجدوى المطلوبة.
واخيراً اذا اردنا تطوير التعليم وتنميته علينا تدريب العاملين بهذا القطاع باستمرار، تطوير المناهج بفترات متقاربة وربط هذه المناهج بالواقع المعاش وبالعلم الحديث، تحسن اساليب التعليم وتعديل اساليب التقييم، وحفز الطلاب نحو التفكير والحكم الذاتي، وإيقاف القرارات المتضاربة.
[email protected]